الخميس، 27 سبتمبر 2012

أدون .. أو لا أدون .. ذاك هو السؤال ؟


قبل سنتين تقريبا من الآن قررت أن أكون عبدالإله .. أن أعبر عن أفكاري .. و أنشر آرائي , و أفعل ما أعتقده

و أن أكون أمام الملأ .. كما أريد أن أكون , لا كما يريدني البشر أن أكون

و كان أجمل مكان لتنفيذ هذا القرار .. هو : تويتر , حيث البيئة جديدة بالنسبة لي , و منفتحة , و أغلب من أتابعهم أو يتابعوني لم تتكون لديهم صورة نمطية مسبقة عني بعد

كنت أكتب ما أشاء .. في أي وقت أشاء .. مع من أشاء

تراودني خاطرة ( رومانسية ) في الصباح الباكر عن حلم جميل يداعب مخيلتي المليئة بالحب , و الحياة الوردية الحالمة التي أتمناها .. فأغرد بها

أقتبس من كتب المفكرين و الفلاسفة و أصحاب الديانات و المذاهب المختلفة .. فأغرد منها

أسمع لحنا .. أو أغنية .. تطرب روحي .. فأغرد عنها

أحكي عن نفسي .. عمن حولي .. عن أفراحي .. عن أتراحي

لا يردني سوى كيبوردي أو لوحة مفاتيح آيفوني

..

لكنني بعد فترة .. قررت إعادة النظر في كل هذا من جديد .. كعادتي في كل قرار إتخذته في حياتي

..

هل من الجيد حقا مشاركة الجميع .. كل أفكاري التي أؤمن بها ؟

فكانت الإجابة بعد تفكير طويل .. هو أن تلك الأفكار لا تعدو أن تكون واحدة من ثلاث :

1 – أن تكون الفكرة جيدة .. لكنها لم تنضج بعد , و لم تأخذ حقها من النقاش و التفكير و التمحيص

2 – أن تكون الفكرة هامشية .. ضمن ملايين الأفكار التي نؤمن بها في حياتنا .. بصورة واعية أو غير واعية , و لا تستحق تضييع الوقت للخوض فيها , أو الدفاع عنها

3 – أن أتراجع عن الفكرة نهائيا .. بعد فترة من الزمن .. إما لخطئها , أو لأنها مثالية , و لا تصلح للتطبيق في أرض الواقع

الخلاصة : ليست كل فكرة تخطر على بالي في ليل أو نهار .. أغرد بها في تويتر , و أنشرها للجميع , بل الحل الأمثل .. أن أناقش الفكرة مع الأشخاص المقربين , و المفكرين , و الحكماء , و أصحاب الشأن و الإختصاص .. فأستفيد منهم , و أكتسب من خبراتهم .. بعيدا عن الجدل العقيم مع الجميع , و لما تنضج أفكاري بعد

..

ثم نظرت في التدوين الشخصي .. هل يمثلني فعلا ؟

فكانت الإجابة و بكل شفافية .. بالتأكيد (( لأ ))

بالطبع لن أتكلم عن الجوانب المظلمة في حياتي الخاصة

و لن أتكلم عن تلك الخصال السيئة فيّ .. و التي أجهلها , و يراها من حولي

بل سأتكلم عن تلك الصورة المشرقة التي أتمنى أن تبقى في ذاكرة قرائي .. عني

كعشرات السير الذاتية التي قرأتها

 الجميع أراد أن يخلد في أبهى صورة

الجميع برر لنفسه

حتى و إن ذكر أحدهم بعض الحقيقة .. لم ينس في ذات الوقت أن يثير مشاعر و عواطف القراء ليقفوا في صفه

من كتاب ( حياة في الإدارة ) للمرحوم غازي القصيبي .. و حتى كتاب ( اعترافات لص مجوهرات محترف ) لبيل ماسون

تعاطف الألوف من القراء مع الوزير .. كما تعاطفوا أيضا مع اللص

إذا في الحقيقة .. لن أتكلم هنا عن عبدالإله ( كما هو ) , بل سأتكلم عن عبدالإله ( الذي أريد ) ..  و شتان بين هذا , و ذاك


الثلاثاء، 24 يناير 2012

اختيار التخصص الطبي


اختيار التخصص الطبي

من أصعب القرارت التي يتخذها طالب الطب هو اختيار التخصص .. فالإختلافات بين التخصصات كبيرة .. و في كل شيء تقريبا : الحياة الإجتماعية , ساعات العمل , طبيعة الحالات , عدد المناوبات , الدخل المادي , نظرة المجتمع ... الخ , قارنوا على سبيل المثال بين عدد ساعات العمل لاستشاري الجلدية و استشاري جراحة المخ و الأعصاب !! تدركوا حجم الفرق

و حتّى أسهل على نفسي مهمة اختيار التخصص .. قررت :

أولا : أن أبقي عيني مفتوحة على جميع التخصصات , و أمنحها حقها من التفكير .. لأني وجدت البعض يحصر نفسه في التخصصات الأربعة الكبيرة فقط .. أو التخصص الذي حصل فيه على درجة عالية , أو التخصص الذي أعجب بدكاترته ..و ينسى العوامل الأخرى في اختيار التخصص .. و ينسى أيضا التخصصات التي لم ندرسها في الكلية

ثانيا : وضعت لنفسي قواعد عامة .. سميتها (Allo's Triad  ) و هي :
1 - ماذا تحب .. و ( ما هي إمكانياتك ) ؟
كثيرا من الأحيان تدفعنا الرغبة الصادقة .. و العزيمة القوية و ( الحب ) في أن نكافح و نبذل و نتعب دون أن يعيقنا في تحقيق ما نرجوه شيء .. و دون أن نستسلم للظروف .. لكني لا أعتقد أن الحب وحده يكفي !!
دائما ما أعتمد في قراراتي على ثلاثية أرسطو الخطابية ( Ethos , pathos , Logos  ) الأخلاق أو المباديء و العاطفة و المنطق
2 - كيف تريد أن تكون حياتك في المستقبل ( أحلامك ) ؟
من الجميل أن تصمم بنفسك حياتك المستقبلية  ( مع الأخذ في الحسبان أن كل شيء بإرادة الله و قضاؤه و قدره ) .. كيف ترى نفسك في سن الخمسين مثلا ؟ كم ساعة تريد أن تعمل حينها ؟ كم تريد أن يكون دخلك وقتها ؟ هل تريد أن تقضي بقية حياتك في العيادات أم في غرف العمليات أم في اجنحة المستشفيات ؟
3 - ما هي الفرص المتاحة ؟
في نهاية المطاف قد لا يحالفنا الحظ في القبول في البرنامج الذي نريده لقلة المقاعد أو لأي سبب آخر .. ( البرنامج السعودي لطب التجميل مثلا يقبل فقط 8 طلبة على مدار السنة !! ) فينبغي أن يكون لدينا تخصص بديل أو خطة ( ب )

ثالثا : أي تخصص يثير اهتمامي .. أتقابل مع أحد الإستشاريين فيه مقابلة ( مطولة ) .. أتناقش فيها عن الأسباب التي جعلته يختار هذا التخصص دون غيره , مدى شعوره بالرضا الداخلي , لو رجع به الزمن هل سيختار تخصصا آخر , طبيعة عمله , هل يشعر بالملل .. و كيف يتأقلم مع الروتين , عدد ساعات العمل , حياته كرزدنت و حياه ككونسلتنت , هل أثر التخصص على حياته الإجتماعية و العائلية و ممارسة هواياته , الدخل المادي و فرص العمل في القطاع الخاص , مجالات الأبحاث في التخصص , هل التخصص يتطور بشكل ملحوظ , أفضل مكان أتدرب فيه , هل يحتاج مهارات خاصة ... الخ , و في الغالب أخرج من هذه المقابلات بقرار من ثلاثة قرارات : ( يدخل القائمة , يخرج فورا من القائمة , يحتاج مقابلة أخرى )

أحد الأسئلة كان مثار جدل بين العديد من الدكاترة .. هل نضع في الإعتبار  الدخل المادي أثناء اختيارنا لتخصصنا ؟ .. الكثير ينتقدون من يقوم بهذا الفعل , و يعتبرون الطب مهنة إنسانية في المقام الأول !!
من وجهة نظري أنه لا تعارض بين إنسانية المهنة , و بين التفكير المنطقي في المستقبل المادي .. نعم لا ينبغي لنا أن نجعل الدخل المادي هو  العامل الأول و الأخير  في اختيار التخصص .. أو في عملنا كأطباء .. و لكن لا بأس أن نضعه في الإعتبار .. فلكل  شخص طموح مادي يختلف عن الآخر , و بعض التخصصات متوسط رواتبها أعلى من غيرها كالتخصصات الجراحية مثلا .. أيضا من يريد أن يعمل في المجال الخاص فبعض التخصصات فرصتها أكبر من غيرها ..

نسيت أن أخبركم بأنه قابلتني العديد من المفاجآت أثناء مقابلاتي مع الدكاترة .. أحد الاستشاريين تخصص قسطرة قلب لأنه كان يجيد وضع الآيفي لاين !! .. و استشاري آخر تخصص أطفال لأنه نجح في وضع الآيفي لاين لطفل !
لم أعتقد يوما أن الآيفي لاين ملهم لهذا الحد ! J
أيضا اكتشفت أن العديد من الدكاترة غيروا تخصصاتهم ..
أحدهم أعطاني نصيحة ذهبية , قال لي : اختر ما تشاء على أن تكون عندك الشجاعة الكافية .. لتغير تخصصك في الوقت الذي تدرك فيه أن هذا التخصص لا يناسبك ..

في النهاية أحب أفتح باب النقاش لقراء مدونتي الكرام : هل اخترتم تخصصكم ؟ ما هو ؟ و على أي أساس ؟ .. أتمنى منكم الإجابة حتى نتبادل الخبرات , و تعم الفائدة ^_^

روابط قد تفيدكم :
موقع يساعدك في التخطيط لاختيار تخصصك
معدل الدخل المادي لمختلف التخصصات الطبية في أمريكا

السبت، 10 سبتمبر 2011

النية


النية
افتتح الإمام البخاري رحمه الله صحيحه الجامع بحديث ( إنما الأعمال بالنيات , و إنما لكل امريء ما نوى ) .. حديث نبوي من أعظم الأحاديث , يستحق أن نجعله بداية لكل بداية في حياتنا ..

لنجلس مع أنفسنا الليلة ( جلسة نية ) .. نتفرغ و لو لعشرة دقائق .. نستشعر فيها نوايانا .. و نمنح سنتنا هذه لله ..
نجعل كل دقيقة .. و كل ثانية .. و كل قراءة .. و كل مذاكرة لإختبار .. قربة إلى الله .. و عمل نرجو به محبة الله و رضاه و الجنة .. سيتحسن أداؤنا و ستتحسن نفسياتنا ..
لا أزال أتذكر وصية والدي رحمه الله كل يوم قبل أن يوصلني المدرسة في الصباح .. (( و اتقوا الله و يعلمكم الله )) .. عندما تكون نوايانا خالصة لله سيتحول عندها التعليم من مجرد تلقين و تعليم ذاتي إلى تعليم إلهي رباني .. و يعلمكم الله

خلال تدريبنا في المستشفيات .. لننوي زيارة المرضى .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عاد مريضًا نادى منادٍ من السماء: طبت، وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلاً" .. و قال أيضا : "أيما رجل يعودُ مريضًا فإنما يخوض في الرحمة، فإذا قعد عند المريض غمرته الرحمة"
 ما المانع أن نفتتح زيارتنا للمرضى بـ( أسأل الله العظيم , رب العرش العظيم .. أن يشفيك ) سبع مرات , ثم نبدأ في أخذ التاريخ المرضي و الفحص ؟!

أمر أخر أحب أن أنوه عنه في موضوع النية .. و هو أن ننوي ماذا نريد أن نكون في نهاية هذا العام , و ماذا نريد أن نقدم ؟؟
لنصنع خطتنا الشخصية و أهدافنا الحياتية بأنفسنا .. إذا لم نضع لأنفسنا أهدافا و خططا خاصة بنا .. سنندرج بشكل تلقائي تحت خطط و أهداف الآخرين .. سمعت هذه المعلومة من أحد المدربين .. و أستطيع أن أؤكد لكم صدقها .. أغلب الأشخاص الناجحون كانت لهم رؤية مستقلة و أهداف خاصة .. ميزتهم عن من حولهم ..
لا ننسى و نحن نضع أهدافنا أن تشمل جوانب حياتنا المختلفة ( الدراسية و الوظيفية , التطوير الشخصي , العلاقات بشقيها العامة و الشخصية , الجوانب الصحية , الجوانب الروحية ) ..
و هناك عدة خطوات لتحقيق هذه الأهداف :
·        حدد بدقة ما تريد تحقيقه بكل جانب
·        اكتب ما تريد تحقيقه
·        ضع تواريخ لتحقيقها
·        حدد العوائق التي تحول بينك و بين تحقيق أهدافك
·        حدد المعلومات و المهارات التي تحتاجها لتحقيق أهدافك
·        ضع خطة عمل لكل هدف
·        اتخذ إجراء عملي لتحقيق أهدافك ( دائما الخطوة الأولى هي الأهم )
·        تخيل كما لو أنك حققت هدفك ( استخدم قوة عقلك الباطن و قانون الجذب secret  )
·        توكل على الله أولا و آخرا .. و لا تتوقف أبدا ..

في النهاية أحب أهديكم رائعة صلاح الراشد كن ما تشاء :
كن ما تشاء
حكم القضاء
أن الذي تنويه كائن
أرض سماء
بر وماء
قد سخرت لك والمدائن
أنت الذي فضلت خلقا
وأنت الذي سبق المكائن
أطلب تمنى
لا تيأسن
فبرغبات تحرك ساكن

الكون ذو سعة والفكر مفتاح
والنية الحسنة في الدرب مصباح
كم فكرة صعدت في الأفق واتسعت
كم نية سلكت أرضا بها امتلئت

هيا بنا ننشر في النفس أجواء
نحي الموات بها في هذه الساعة
يا رب قوينا
أحدث لنا نيا
يا رب وامنحنا بذي الحظة أمنية

تمنياتي للجميع بسنة سعيدة مليئة بالإنجازات و النجاحات ^_^

الثلاثاء، 6 سبتمبر 2011

التدين


                      التدين .. ليس حصريا !!

الحكم على تدين الأشخاص .. و مستوى قربهم من الله .. مبني عند بعض الناس على ثلاثة معايير :
تقصير الثوب
إعفاء اللحية
عدم سماع الأغاني
+ تغطية الوجه ( عند النساء )
فمن انطبقت عليه هذه الصفات فهو شخص متدين , و من لم تنطبق عليه فهو شخص غير متدين . و إن كان يداوم على الصلوات المفروضة في أوقاتها .. و إن اشتهر عنه مد يد المساعدة للمحتاجين .. و إن كان ممن يترفعون عن الغيبة .. و إن كان من أحسن الناس أخلاقا .. كل هذا لا يشفع عند القوم حتى
 يطلقوا عليه لقب متدين !!

لن أناقش الأحكام الشرعية لهذه المعايير .. فهي في النهاية مسائل فرعية .. و ليست من أساسات الدين و أركانه .. و لا يمكن بحال من الأحوال أن نعتبرها مقياس التدين (الحقيقي) ..

فقط أريد أن أقول لعشاق التصنيف : لو تركتم مهام الألوهية و تقسيم الجنة و النار .. و تفرغتم للعبودية .. و إصلاح أنفسكم .. لكان خيرا لكم و أقوم !!

الثلاثاء، 16 أغسطس 2011


انتماء
منذ السنة الثالثة على وجه التحديد .. نشأت لدي عاطفة قوية نحو كليتي ( كلية الطب بجامعة أم القرى ) .. لا أذهب إلى مؤتمر علمي .. أو أي مكان يتجمع فيه طلاب طب من كليات أخرى إلا و أتكلم بكل فخر و أدافع عن كليتي الحبيبة .. كما لو كانت أحد ممتلكاتي الخاصة .. لا أدري ما سر هذه العاطفة ؟

بعد تفكير عميق .. تذكرت أنني في تلك السنة بدأت لدي عادة غريبة .. و هي إدمان مطالعة السير الذاتية لأعضاء هيئة التدريس .. لم يمر علي دكتور واحد لم أقرأ سيرته الذاتية عدة مرات على الأقل .. اكتشفت أن دكاترتنا كانوا على مستوى علمي رفيع .. تطورت العادة بعد ذلك .. أصبحت لا أكتفي بقراءة السير الذاتية .. بل أبحث عنهم في قوقل .. و أقرأ جميع مقالاتهم .. و ما يقوله المرضى عنهم .. أحببت قراءة مناقشات المرضى عن الدكاترة و هم يثنون عليهم و على رقي أسلوبهم في التعامل معهم .. أو يذمون في بعضهم تعاليهم و ترفعهم عن سماع شكواهم .. ( رسالة إلى الأطباء : تجاهلكم لمريض بسيط .. قد يدفعه إلى الحنق عليكم .. فيكتب عنكم في أحد المنتديات الشهيرة .. ليتناقل الناس الخبر في المنتديات بعد ذلك .. في غضون أيام ستكون سمعتكم في مهب الريح ) .. لم أكن أحضر المادة العلمية لليوم التالي بقدر تحضيري للدكاترة .. لا أتناقش هنا إن كان هذا سلوكا صائبا أم خاطئا .. فقط كنت أفعله ..

أيضا نقطة أخرى أخرى من الممكن أنها ساهمت في حبي لهذه الكلية .. و هي احتكاكنا المباشر بالإستشاريين .. و قربهم الكبير منا ..و  لكم أن تتخيلو كمية الخبرة و المهارة التي يكتسبها الطلاب من احتكاكهم المباشر باستشاريين على مستوى عالي من العلم و الأخلاق !!
الكثير من طلاب الجامعات الأخرى يشتكون من تغيب بعض الإستشاريين عن تدريسهم و انشغالهم بعياداتهم الخاصة .. نحن في أم القرى نتقابل يوميا في المستشفيات مع استشاريينا بل وصل في قسم النساء و الولادة على سبيل المثال .. استشاري لكل أربعة طلاب يناقشهم حالاتهم و يشرح لهم بطريقة مبسطة كيفية الوصول للتشخيص و يضع معهم الخطة العلاجية للمرضى .. ثم يقومون بعد ذلك بفحص المرضى  .. فقط أربعة طلاب و استشاري و ممرضة .. في احترام و مراعاة تامة لخصوصية المرضى ..
بالمناسبة لا يعجبني تكدس الطلاب أمام المرضى .. بعض الأحيان يتجمع قرابة العشرين طالبا لمشاهدة مريض واحد .. و المشكلة أن بعض الدكاترة يسرفون في شرح المعلومات النظرية على رؤوس المرضى .. المفترض أن نتعلم الفحص الجسدي في غرفة المريض ثم نكمل باقي المعلومات النظرية خارج الغرفة ..

لا أنسى أيضا المقارنات التي كنت أقوم بها مع أصدقائي .. بين أعضاء هيئة التدريس بكليتنا .. و بين أطباء وزارة الصحة .. في أغلب الأحيان كانت الكفة ترجح لصالح دكاترتنا .. لم نكن نقارن بينهم عبثا .. بل كنا نقارن بين تطبيقهم للأخلاقيات الطبية .. و كيفية تعاملهم مع المرضى ..

بمناسبة ذكر الأخلاقيات الطبية أحب أن أشيد بجهود الدكتور رائد جستنية في تثقيفنا أخلاقيا .. لا أزال أتذكر تلك الجرعة المكثفة من الأخلاقيات التي أعطانا إياها قبل دخولنا للمستشفى .. تناقشت معه ذات مرة على تركيزه على الأخلاقيات أكثر من المادة العلمية .. فأجابني بأنه يهدف لهذا ..  و قد أخبرنا بذلك في أول محاضرة ..
كان يستضيف دكاترة من شتى التخصصات ليناقشو قضايا أخلاقية .. إحدى المرات استضاف أحدهم ليتكلم عن المهنية .. و أخرى استضاف إستشاري أطفال ليتكلم عن العنف ضد الأطفال .. و ثالثة يستضيف أحد الدكاترة ليتكلم عن المسائل الشرعية و الفقهية في الطب .. و هكذا أصل فينا مفهوم الأخلاقيات الطبية بصورتها العلمية الحديثة .. لن أنسى قوله لنا ذات مرة : أريد طلاب طب أم القرى (إيثكس) أخلاقا تمشي على الأرض ..

بالنسبة لي شخصيا .. لا أفضل الدكاترة الذين يعطوننا الحقائق العلمية البحتة فقط و يكتفون بذلك .. أحب الدكاترة الذين يدمجون تلك الحقائق بقليل من الخبرة و التجارب .. و يهدون إلينا خلطتهم السرية في التعامل مع المرضى .. و يتوجون محاضراتهم ببعض من القصص و الحكايا الشخصية لنجاحاتهم الطبية أو إنجازاتهم الحياتية  .. باعتقادي أن المادة العلمية موجودة في المراجع العلمية .. و مواقع الإنترنت الموثوقة .. أيضا اليوتيوب مليء بشرح  المواضيع الطبية من دكاترة من مختلف أنحاء العالم .. لكن الخبرة و التجارب الشخصية ليست متوفرة بهذه السهولة .. و كما أن مهنتنا (الطب) .. تعتمد بشكل كبير على المعلومات و الأبحاث الحديثة .. فهي كذلك تحتاج إلى الكثير الكثير من الخبرة و فنون التعامل مع المرضى ..

و أود أن أختم بكلمة صغيرة عن الإنتماء .. أهمس بها في أذن قرائي الأعزاء .. الجامعة أحبائي ليست مركزا للتدريب نأخذ منه دورة و ننسى حتى اسم المركز بعد ذلك .. الجامعة اسم سيسطر في تاريخك للأبد .. و ستبقى دائما تحمل اسمها و تحمل اسمك ..
( حتى لو أكملت دراساتي العليا في أرقى جامعات العالم .. سأظل أفتخر دائما أنني خريج جامعة أم القرى J )

تنويه : لم أتكلم هنا عن السلبيات أو الإيجابيات .. و لم أقدم تحليلا نقديا .. كما لم أهدف إلى مقارنة كليتنا بالكليات الأخرى .. هي مجرد أحاسيس و انطباعات شخصية لطالب تجاه كليته ..

السبت، 13 أغسطس 2011


خلوة


لا أنتهي من عمل , إلا و أجد قائمة طويلة بانتظاري , حتى في أوقات الفراغ , هناك العديد من الكتب بانتظار قرائتها , و العديد من البرامج و المواقع بحاجة إلى متابعتها , ناهيك عن الإرتباطات العائلية , و المناسبات الإجتماعية ..
منذ وعيت الدنيا , و أنا أجد نفسي في دوامة من المشاغل و الإرتباطات , لا تنتهي  ..
أستيقظ كل صباح لأجد نفسي غارقا في التفاصيل , مستغرقا فيها إلى أقصى حد ..
أعتقد أن رمضان فرصة جيدة للهجرة .. إلى النفس , و الخلوة بها , و التحدث إليها على انفراد و بدون أي تأثيرات و ضوضاء خارجية ..
لا أتكلم هنا عن حديث عابر مع النفس في أحد طوابير الإنتظار , أو ما قبل النوم , بل أتكلم عن الخلوة المنظمة , أن يضع الإنسان موعدا لنفسه على قائمة مهامه اليومية , و يلتزم بهذا الموعد ..
يقيم فيها نفسه , و علاقاته مع من حوله , و علاقته بربه , و يحدد فيها أهدافه و توجهاته في هذه الحياة , و يترك الحرية لذاته تتحدث كيفما تشاء , و في أي موضوع تريد ..
حتى تأتي العشر الأواخر , و حينها يحدث الإنقطاع التام , و الخلوة الكاملة , خلوة من النفس و عن النفس , إلى الرب .. تفرغ من الدنيا بكل ما تحويه .. و انشغال بالله .. مناجاة و ذكر و صمت ..

يقول أحد العلماء : إن من طبائع النفس حب مجالسة الناس، والميلَ إلى اللهو والعبث والبطالة، وكراهيةَ الخلوة مع الله، والنفورَ من الانفراد للمحاسبة على الهفوات واللوم على الأخطاء. فإذا جاهدناها على ذلك، فإنها تشعر بالضيق والضجر في بادىء أمرها، ولكن سرعان ما تُذعِنُ وتخضع، ثم تذوق حلاوة الأنس بالله ولذة مناجاته، وخصوصاً عندما تنطلق، وتتحرر من قيود المادة، وتسبح في عوالم الملكوت ..

الاثنين، 18 يوليو 2011

البداية

لا أزال أتذكر تلك الفرحة التي كانت تغمرني .. عندما تناديني أختي الصغرى : هناك أحد بالهاتف من أجلك .. خصوصا في أيام الإجازة .. كنت ممتن جدا لأولئك الأشخاص - بالطبع أيام الدراسة تأتيني العشرات من الاتصالات للمساعدة في حل واجب .. أو الإجابة على سؤال هنا أو هناك - لاحقا عندما أتت الجوالات .. كانت من أجمل لحظاتي .. تلك التي أسمع فيها نغمة الرسائل الواردة .. و أفتح الجوال لأجد رسالة كتبت من أجلي .. و عندما أصبح لي وجود في العالم الافتراضي .. كنت أطرب جدا حينما أكتب في أحد المنتديات و أرجع بعد يوم لأجد عشرات التعليقات و العديد من الرسائل الخاصة .. وقتها كانت تنتابني نشوة النصر .. و الكثير من تقدير الذات ..
و قريبا في الفيس بوك .. عندما أكتب ستيتس و أجد عشرين رد .. و العديد من اللايكات .. خصوصا من الدكاترة J .. و بعض طلبات الصداقة .. أعتبرها دفعة إيجابية .. و بالمقابل .. عندما أكتب ستيتس .. و لا أجد سوى لايكا واحدا .. من أختي الصغرى ( نفسها التي كانت تعطيني سماعة الهاتف ) .. أعتبر ذلك محبطا .. خصوصا إذا كانت العبارة نابعة من دخلي ..
مؤخرا في تويتر .. العديد من المنشنات و الريتويات كفيلة بأن تجعل ليومي مذاقا آخر
حسنا بعد كل هذه الثرثرة ما الذي تريد قوله ؟؟
باختصار .. لا أريد لكل ما سبق أن يؤثر في كتاباتي هنا .. لا أريد أن أضيع ذاتي وسط محاولاتي لإرضاء الآخرين .. أريد التعبير عن نفسي و أفكاري بصدق و وضوح .. بالمناسبة من السهل جدا أن تكتب عن موضوع قيادة المرأة .. أو اعتقال يوسف الأحمد .. و تحصل على كمية مهولة من الزيارات و التعليقات .. فقط جرب !!
نسيت أن أخبركم بأنني قد تعلمت الكثير في هذا الموضوع من إمامة التراويح .. و أبرزت لي بوضوح أنه لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع ..
في نفس اليوم و بنفس القراءة .. يأتيني العديد من الأشخاص و يبالغوا في مدحي و الثناء علي .. أذكر أحدهم تحمس قليلا و قال لي .. تستحق إمامة الحرم J .. و في نفس ذلك اليوم .. يأتيني أحدهم .. ليشعرني بأن تلاوتي أسوأ تلاوة على وجه البسيطة .. و أني لا أستحق مسجد المحطة التي بجوار بيتنا.. فضلا عن هذا الجامع الفخم !! كلا الفريقين لديه الحق في التعبير عن رأيه .. و لكن ليس لي الحق في أن يتغير مزاجي .. أو أحبط لمجرد أن أحدهم عبر عن رأيه ..
أيضا موقف آخر في هذا السياق .. كان المصلون يطربون للتلاوة على الطريقة الحجازية .. بينما كنت في الواقع عندما أقرأ بها لا أتدبر الآيات و لا أستطيع أن أخشع معها بالقدر المناسب .. فقط كنت أستجيب لمطالبهم لأشعر بالمزيد من التقدير الذات .. و القليل من الثناء و الإشادة .. الآن و بعد مدة من هذه القصة .. أجد أن الصواب كالآتي .. إما أن أقرأ بالطريقة التي تناسبني أو ليتقدم أحدهم بالإمامة نيابة عني ..
لا أتخيل الآن وجوه بعض المصلين .. و هم يرون إمامهم يستمع لطلال مداح !! .. لدي الكثير في هذه التجربة .. سأخبركم به لاحقا ..
اعتقد أن تقديرنا لذواتنا ينبغي أن ينبع من داخلنا .. الناس قد يعجبوا بك .. ينسوك .. في لحظة ما يتجاهلوك .. يمدحوك .. يسبوك .. عندما تتساوى لديك هذه الأمور .. حينها فقط ستتجرد من الآخرين .. و ستبقى في سلام و اطمئنان ..
هذا لا يعني بالطبع أن نتجاهل الآخرين .. و نفرط في الأنانية .. و لكنه فقط يعني .. أن لا نجعل سعادتنا مرتبطة ببشر .. طبيعتهم الخطأ و النسيان .. يعني أيضا أن نبذل للآخرين .. و نعطي كل ما يمكننا عطاؤه .. بدون أن نتنظر العطاء من أحد ..
ختاما : سأضع لنفسي شعارا في أول تدوينة ( تدوينة واحدة صادقة .. مع زيارة واحدة و لا تعليق .. خير من ألف تدوينة و مليون زيارة من فئة .. الجمهور عاوز كده ) .. و دمتم ,,,